أستراليا تعزز حظر وسائل التواصل الاجتماعي للمراهقين
تواصل الحكومة الأسترالية تقدمها نحو تطبيق قيود جديدة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، رغم الانتقادات الواسعة التي تواجه مشروع القانون المقترح، والأسئلة الكثيرة حول ما إذا كان سيوفر الفوائد المرجوة. سيتم منع المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا من استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وفي خطوة جديدة، قدمت الحكومة مشروع "تعديل السلامة على الإنترنت" رسميًا في البرلمان يوم أمس. الخطوة المقبلة هي تصويت البرلمان على المشروع، ومن المتوقع أن يتناول هذا الأمر خلال الأسبوع المقبل. تبدو الحكومة حريصة على تنفيذ هذه القيود، على الرغم من القلق العام من قبل مجموعة متنوعة من الخبراء بشأن الآثار المحتملة لتطبيق هذه القوانين، والواقع العملي لتطبيقها.
تحديات تطبيق مشروع القانون الأسترالي
تسعى الحكومة، من خلال هذه المبادرة، إلى اتخاذ خطوات إيجابية لصالح الأهل، لكن تبقى العديد من التساؤلات حول فعالية هذا الاقتراح.
تتعلق إحدى التحديات الرئيسية بكيفية تطبيق القوانين. وفقًا لمشروع القانون:
"يعدل مشروع قانون تعديل السلامة على الإنترنت (حد أدنى لسن وسائل التواصل الاجتماعي) لعام 2025 (المشروع)، قانون السلامة على الإنترنت لعام 2025، بهدف تحديد الحد الأدنى لسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مما يضع المسؤولية على عاتق منصات التواصل الاجتماعي لحماية مستخدميها."
وبالتالي، ستتحمل تلك المنصات المسؤولية عن تطبيق القوانين، مما يعني أن كل تطبيق سيتعين عليه تطوير أنظمة خاصة به لاكتشاف وحظر المستخدمين دون السن القانونية. على الرغم من أن جميع التطبيقات تمتلك بالفعل أنظمة للكشف تعتمد على قيود العمر الراهنة، إلا أن هذه الأنظمة لم تتمكن من تحقيق نتائج فعّالة 100%. تعترف الحكومة الأسترالية بأنه سيكون هناك دائمًا بعض المستخدمين الشباب القادرين على الوصول إلى هذه التطبيقات بالرغم من هذه المعايير.
عدم وجود إطار معياري لتطبيق القوانين
ومما يزيد الأمور تعقيدًا، أن الحكومة لم تقدم بعد أي إطار معياري لكيفية قياس انتهاك التطبيقات لهذه القوانين. يبدو أن كل تطبيق سيُقيّم بناءً على عملياته الخاصة، مما يؤدي إلى تفاوت في طرق التطبيق. فعلى سبيل المثال، تمتلك "ميتا" أنظمة الكشف عن العمر أكثر شمولية مقارنةً بـ"إكس" (X) ذات الاحتياطات الأقل. وإذا استمرت الأمور على هذا النحو، قد يصبح تنفيذ هذا القانون أمرًا غير ممكن عمليًا. لن تتمكن المنصات التي تفتقر إلى الموارد من تطبيق معايير مماثلة لتلك التي تتبعها المنصات الكبيرة، مما يؤدي إلى تفاوت كبير في الممارسات.
لقد جادلت "ميتا" بأن ينبغي أن يتم تنفيذ نظام كشف العمر على مستوى المتجر، لضمان تطبيق معايير متسقة على جميع التطبيقات. لكن هذا يبدو أقل جاذبية مقارنة باستهداف المنصات الكبرى مثل "فيسبوك" و"تيك توك"، وهو ما يمثل خطوة محسوبة بالنسبة للحكومة التي تسعى لإظهار موقفها القوي تجاه الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا.
أبعاد مشروعة القوانين الجديدة
تمت مناقشة فكرة وجود عملية معيارية لصنع قوانين كشف العمر، لكن لم تُكشف تفاصيل هذه المعايير بعد، ويبدو أن من يشرفون على الخيارات المتاحة ليسوا واثقين من فعاليتها. وبهذا، وبوجود غرامات محتملة تصل إلى 32 مليون دولار أمريكي، فإن عدم وجود إطار معياري يشكل إغفالًا كبيرًا قد يجعل الاقتراح بأكمله غير فعّال من البداية.
وبينما تثار التساؤلات حول ما إذا كان يجب منع المراهقين من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الأبحاث حول هذا الموضوع متباينة. حيث يشير بعض الأكاديميين إلى أن وسائل التواصل تلعب دورًا حيويًا في ترابط الشباب، بينما يبرز آخرون آثارها الضارة لبعض المستخدمين.
نقص الأدلة العلمية لدعم الاقتراح
تظهر الأدلة التي تستند إليها الحكومة لدعم اقتراح حظر المراهقين أنها غير حاسمة، إذ أشار مؤلف أحد التقارير إلى أن الحكومة قد أساءت تفسير النتائج.
وبالتالي، يبدو أن هذا القانون قد يكون غير قابل للتطبيق الفعلي حسب الآليات الموجودة، وغير فعّال استنادًا إلى الآراء الأكاديمية.
من المهم الإشارة إلى أن تطبيقات المراسلة مثل Messenger وWhatsApp لن تشملها هذه التشريعات في الوقت الحالي، وبالتالي ستظل مرجعية للعديد من المراهقين.
فرص هائلة للمنصات البديلة
حتى إذا تم منع المراهقين من التطبيقات الرائجة، من المحتمل أن ينتقلوا إلى منصات أخرى. العديد من المراهقين نشطون بالفعل على WhatsApp، وفي حال دفعهم بعيدًا عن التطبيقات الرئيسية، ستكتسب البدائل الجديدة شعبية متزايدة.
وإذا لم تقم الحكومة بوضع إرشادات محددة بشأن التطبيقات الخاضعة للامتثال، سيتعين عليها تعديل القوانين في كل مرة يظهر فيها تطبيق جديد يتناسب مع اهتمامات المراهقين، مما يجعل الحل المقترح غير عملي بطريقة عميقة.
توصيات بديلة للحماية من المخاطر الرقمية
يمكن القول بأن مشروع حظر المراهقين من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو نهج غير حكيم في معالجة مشكلة قد لا تكون موجودة فعلاً. لكن الحكومة تود إظهار جدية في تحركاتها لحماية الأهل، حيث تعطي مهلة تصل إلى 24 ساعة فقط لتقديم التعديلات المقترحة.
بينما ترغب الحكومة الأسترالية في إبراز قيادتها "الرائدة عالميًا" في هذا المجال، من المحتمل أن يعكس ذلك نقصًا في الفهم الحقيقي للمشهد الرقمي الحالي. إذا كان بإمكان الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عامًا استخدام التطبيقات، فإن من هم في عمر 15 عامًا سوف يجدون طرقًا مماثلة، وهكذا مع الصغار في عمر 14 عامًا، نظرًا لرغبتهم في مواكبة أحدث الاتجاهات بناءً على تفاعلهم مع أقرانهم.
أسئلة شائعة حول مشروع حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للمراهقين
-
ما هو الغرض من مشروع القانون الأسترالي الجديد؟
يهدف مشروع القانون إلى إنشاء حد أدنى لسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مما يتطلب من المنصات تحمل المسؤولية عن سلامة مستخدميها. -
ما هي التطبيقات التي سيشملها مشروع القانون؟
تشمل التطبيقات المقترحة "فيسبوك"، "إنستغرام"، "تيك توك"، "ريدديت"، و"سناب شات"، ولكن تطبيقات المراسلة مثل "واتس آب" و"ماسنجر" ستكون مستثناة. -
ما هي العواقب المترتبة على عدم الامتثال للقوانين؟
قد تواجه التطبيقات غرامات تصل إلى 32 مليون دولار أمريكي في حال عدم تطبيق معايير الكشف عن الأعمار بشكل فعّال. -
هل تتوفر بحوث علمية دعم مشروع القانون؟
تشير التحليلات إلى أنه لا توجد أدلة قاطعة دعم فعالية حظر المراهقين عن وسائل التواصل الاجتماعي، واقترحت بعض الأبحاث أن وسائل التواصل قد تلعب دورًا إيجابيًا في حياة المراهقين. - كيف يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطرق آمنة؟
يُفضل تشجيع التعليم حول السلامة السيبرانية بدلاً من فرض حظر شامل، لتوعية الشباب بمخاطر الإنترنت وتحسين تعرضهم للموارد القيمة.
نصائح هامة حول الموضوع
من المهم فهم الواقع الرقمي وأن نجد الحلول الملائمة لمشكلات تفشي المحتوى الضار بدلاً من الاعتماد على حظر شامل قد لا يفيد. من الممكن توجيه الجهود نحو تكثيف على جهود التعليم حول السلامة الشهرية والوعي الرقمي.
على سبيل المثال، يمكن إدراج برامج تعليمية في المدارس تركز على الاستخدام الآمن للتطبيقات الرقمية وكيفية التعامل مع المحتوى الضار. هذا المنهج سينمي الوعي لدى الشباب وسيقلل من المخاطر بشكل أكبر، مما يقدم بيئة رقمية أكثر أمانًا للجميع.
من هنا، علينا مراعاة أن مشروع حظر المراهقين لا يمثل الحل الأمثل لمشكلة معقدة، بل قد يكون أنجع التركيز على تعزيز المعرفة والدعم اللازم لحماية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بأمان.